الاثنين، ٣١ ديسمبر ٢٠٠٧

أنا أغضب (شعر)

منذ أكثر من عام ونصف.. حالفني الحظ أن أكون حاضراً في مؤتمر لمساندة أهل لبنان في حربهم ضد الصهاينة، و قد أسعد آذاني أن تستمع إلى الأخت الصغيرة الأستاذة رفيدة خالد بدوي.. و هي تستحق هذا اللقب عن جدارة لإلقائها قصيدة (متى تغضب) بطريقة متميزة أذهلت كل من سمعها.. هذا الذهول أخذني من المؤتمر، لأجيب عن تساؤل القصيدة، و جلست لأكتب هذه القصيدة و تركت المؤتمر برمته.. فكتبت لأرد على التساؤل قائلاً:

سمعت قصيدة ثكلى
تشاجرني، و تشتمني و تسألني (متى أغضب؟)
و حار جواب هذا السؤل في عقلي
و لكني،
نظرت إلى بني قومي
و حالهموا، كما تدري
له يرثى
بعيد الدار و الأقرب
و قررت،بألا أترك الكلمات حائرة
و أن أعرب
بكل سعادةٍ و غباءِ في هبلٍ
أنا أغضب،
إذا ما صفر الحكم
ليعلن ضربة حرة
على الأهلي بالملعب
أنا أغضب،
إذا واعدت فاتنة
ولم تأتي
و صرت أمام أصحابي
حماراً أقرناً أرنب
أنا أغضب،
إذا ما دمر الأحمق
بتهيئةٍ
جهاز حاسوبيَ الأجرب
و أنى لي بحاسوبٍ
بلا فيلمٍ ولا شاتٍ
وأنى لي بأن ألعب
أنا أغضب
إذا ما نمت في يومٍ
فأيقظني
غبيٌ عبر محموله
قبيل الموعد الأنسب
لذا عذراً،
رجاءً لا تساءلني متى أغضب
ولا تستغرب الرد
فقد أخفيت من ردي
حياءً ما هو أغرب
ولا تسألني عن قانا ولا غانا
فلا آبه، لجغرافية العالم
ولا آبه لمن أحسن و من أذنب
فدنيايَ، هي دارٌ و سيجارٌ
هموا و الأكل و المشرب
و همي أجمع الأموال في نهمٍ
فلقمة عيشي و التلفاز لي مذهب
و آخر ما يقول فمي بلا خجلٍ
و نصح الفاهم المدراس و الأنجب
عزيزي إن تكن مثلي
فمازالت
هناك مقابرٌ رحبة
تمد يديها في شوقٍ لأمثالك
لها فاذهب.

الجمعة، ٢١ ديسمبر ٢٠٠٧

دستورهم (شعر)

قصيدة كتبتها منذ عدة أعوام...

أن تشعر أنك ميت أمر سهل
و الأسهل، أن تشعر بالجهـل
يتلقى قفاك الصفعة تلو الصفعة
فيصفق كفك مسروراً
و يصفق خلفك جيرانك و الأهل..
أهلاً بالمحتلين
شرفتم هذا السهل
نحن بالخدمة دوماً
طفلاً، رجلاً أو كهل
أعددنا لكم العدة
العمي الصم البكم
أعددناها مذ مدة
منذ تولينا الحـكم
أما من يرفع صوته
بالحكمة نعلن موته
سنظل نصفق حتى
يعلو فوق صليل الأيدي
صوت اللطم

الثلاثاء، ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٧

سيبك بأة

سيبك بأة بلا هوى بلا حب بلا سامحني بلا كلام كداب.. هذا هو نص ما سمعته بينما كنت في ذلك الصندوق المسمى ميكروباص ذاهباً إلى عملى في الصباح.. الغريب أن هذا النص اللطيف لم يكن حواراً بين الراكبين مثلاً أو خناقة بين واحد و مراته.. بل كان عبارة عن أغنية يشدوها على مسامعنا أحد مطربي الميكروباص المشهورين الذين لا يعرف أسماءهم إلا سائقى الميكروباص فقط.
عندما تحلل كلمات هذه الأغنية (إذا صح تسميتها بهذا الإسم) تدرك مدى التدني الذي ننحدر إليه يوماً بعد يوم في اختيار كلماتنا المعبرة عنا، و لا تتعجب حينئذ عندما تنتشر بين أوساط الشباب أغاني مثل "بحبك يا حمار" و "دي عيلة و واطية و نصابة".. فهذا هو الواقع الذي يعيشونه و يسمعونه كل يوم في مكعبات مرقة الميكروباص التي يركبونها كل يوم ذهاباً إلى عملهم أو أماكن تعلمهم.
نظرة أخرى إلى كلمات الأغنية تدرك بها طبيعة العلاقات التى يحاول هؤلاء السفهاء من المؤلفين و المطربين فرضها علينا.. فقد أدركوا أن كلام الحب و العشق و الغرام و اللوعة و الانتظار أصبح "موضة قديمة" و أصبح كل من هب و دب (أقصد من القدماء) بيحب على نفسه.. فكان لابد من فرض سمة مميزة أخرى لأغانيهم لا نستطيع وصفها بالهجر أو حتى "الهجو" فكليهما له احترامه و شكله المميز و صفاته الخاصة به، ولكنها سمة غريبة الشكل تتحدث في نوع آخر من أنواع السباب أو الشتيمة أو التهزئ بكل ما أوتوا من ألفاظ يمكن نظمها في شكل أغنية يسمعها الناس.
و الظاهر فيما يبدو أن الوضع ينتقل من سئ إلى أسوأ، و أننا سنستمر في سماعنا لهذه الأشياء المسماة "أغاني" بهذا الشكل، بل و قد يتطور الموضوع إلى شكل أسوأ من هذا المطروح، طالما أننا لم نستطع لفظها من مخنا و رفضها و التعامل معها على أنها سلاح خطير على أدمغتنا و أنها آداة رهيبة تتغلغل داخل أنفسنا لتقتل أسمى معاني العلاقات بين البشر و تحولهم إلى (لا مؤاخذة) حيوانات.. و سيبك بأة بلا...

الأحد، ١٨ نوفمبر ٢٠٠٧

الطماعون

ما هذا الحاجز الرهيب الذي أصبح بيننا و بين شيوخنا.. كيف تسنى لمفتى الجمهورية أن ينطق بهذا الكلام عن هؤلاء المساكين الذين ذهبوا أدراج الرياح دون ذنب إلا أنهم مصريون.. نعم أنت المفتي.. و لكن أن تحكم دون أن تعلم و أن تفتي دون أن تدري فهذه مصيبة.الطماعون.. هذا ما أطلقه سيادة المبجل مفتى عام الجمهورية على الشباب الذين غرقوا قبالة السواحل الإيطالية منذ بضعة أيام..
الطماعون.. هذا هو اللقب الجديد الذي استحقه من خرجوا من ديارهم طلباً للقمة العيش بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت في بلدهم.. الطماعون.. هم من رهنوا بيوتهم و باعوا أملاكهم و استدانوا من طوب الأرض هربا من بطالة لا تسمن و لا تغني من جوع.. الطماعون.. إخواننا المساكين الذين ابتلعتهم مياه البطالة و جشع الجشعين و فساد الفاسدين المفسدين و أكملت عليهم مياه البحر حسرتهم و حسرة أهلهم من بعدهم الذين لم يرثوا من أبنائهم إلا الثكلى و الديون.

يا سيادة المقتى.. أما تعيش معنا في هذه الدنيا؟؟.. أم أنك من عالم آخر لا يمت إلى بلدنا بأي صلة؟؟.. يا سيادة المفتي.. غير الإمام الشافعي فقهه عندما انتقل من مصر إلى العراق لأنه علم أن فقه العراق لا ينفعهم و أنت تعيش في نفس البلد و بين نفس الناس و لا تستطيع أن تفتي بفتوى تعايش هذا الواقع و تتسع لما فيه؟

لا أعلم يا سيادة المفتى.. هل أنت جاد بالفعل فيما تقوله؟؟ فلماذا إذاً خرج الأزهر و مجمع بحوثه بفتوى أن هؤلاء شهداء.. و هل من السهل عليك أن تنعت من مات باحثاً عن رزقه بالطمع و أنه لا يستحق الشهادة.. أما من يسرقنا و يسرق قوتنا كل يوم و يقتلنا كل يوم و يذيقنا ألوان العذاب كل يوم فهو شريف و شهيد و تقام له جنازة عسكرية مهيبة و يتبعه الناس مجبرين أو على الأقل مخدوعين.

لا أعلم فعلا ما الذي يحدث في هذه البلد.. و لكن صدق رسول الله حين قال أن من علامات الساعة أن يخون الأمين و يؤمن الخائن.. و يتهم من خرجوا من ديارهم يبحثون عن لقمة العيش و يكدحون بالطمع.. و الذين ينهبون أموالنا في جيوبهم كل يوم شرفاء و حكماء و كرماء.

يا سيادة المفتي.. الطماع من جلس على كرسي السلطة ليسرق أموالنا.. الطماع من عذب الذين يقفون أمامه و يحاولون استرداد حقوقهم المسلوبة.. الطماع من يلقي بالناس للمحاكم العسكرية و يسرق أموالهم بحجة واهية لا أصل لها و يفندها العبيط قبل الصحيح.. الطماع من لا يؤدي للناس ما عليه من أمانات و خدمات و يستأثر بالمال و المنصب و هما ليسا من حقه.. الطماع هم نواب القروض و سميحة و نواب لمصالح و التزوير و الاحتكار.. الطماع من اقترض من البنوك المليارات و هرب بها إلى خارج البلاد، و بدلاً من أن تسعى الدولة لإرجاعه تذللت له ليدفع نصف ما عليه بحجة الظفر بما يمكن الظفر به أو من باب يا عزيزي كلنا لصوص، أما المقترض الصغير الذي يقترض و قد ينجح مشروعه أو يفشل فيذوق ألوان العذاب و يحاصر بشتى الفوائد و الحجوزات التى تقصم ظهره قبل أن تدعمه.. الطماع من يرتشي الآلاف و الملايين ليعين طماعاً آخر على مص دمائنا.. الطماع من يصنع المعاهدات و يبيع وطنه و أهله و دينه بعرض من الدنيا زائلاً.. الطماعون كثيرون يا سيادة المفتي و لم تجد إلا هؤلاء لتنعتهم بالطمع.

لا أنكر أن الشباب قد أخطأ، و لكني تعلمت أن أبحث عن سبب الخطأ و ليس الخطأ نفسه، و لهذا أقولها بملئ فيه.. هؤلاء الشباب قتلتهم هذه الدولة حينما تركتهم لوحش البطالة و جشع الطماعين ووسائل الإعلام التي تصور لهم الزيف.. قتلتهم عدة مرات قبل أن تلقي بهم إلى أسماك البحر لتأكل ما تبقى من أجسادهم.. و أكملت أنت يا سيادة المفتى قصيدة القتل باتهامهم بأنهم طماعون.

لعلك يا سيادة المفتى تقصد خيراً.. لعلك تقصد إخافة الشباب من الإقدام على هذا العمل المتهور.. لعلك بالفعل تقصد خيراً.. و لكنك عذراً.. قد أخطأت.. فنحن لسنا طماعون.

الاثنين، ١٥ أكتوبر ٢٠٠٧

فصل الدين عن الدولة... واجب

لقد أصبحت إوعى علمانية.. هذا ما سيتردد لأول وهلة عند قراءة عنوان الموضوع.. ولكن، كما تعودنا فالعبرة ليست بالأسماء و لكن بالمسميات كما كان يقول الإمام حسن البنا رحمه الله دائماً.

فلنراجع التاريخ معاً و لنلاحظ متى كانت الدولة الإسلامية قوية.. و متى قامت الدولة الإسلامية من كبواتها.. و كيف استطاعت الوقوف أمام المحن و الشدائد التى واجهتها.

تذكروا معى ارتداد شبه الجزيرة العربية بعد موت الرسول -صلى الله عليه و سلم-، و تذكروا فتنة الحجاج بن يوسف، و فتنة خلق القرآن، و محنة التتار، و محنة الصليبيين، و ما جاء بعدها من محن و شدائد حتى عصرنا هذا.. ألم يكن فصل الدين عن الدولة هو العامل المحرك للمواجهة و للنصر.


كيف هذا.. و هل كلامى ضرب من ضروب التخريف؟ لا يا سيدي.. و لكن العين الفاحصة الخبيرة تستطيع إكتشاف هذا بسهولة.. و أنظر معى إلى الوضع الحالي.. و أنظر إلى المؤسسة العظيمة التى شيوخها طنطاوي و الطيب و هاشم، كيف كانت و كيف أصبحت.. كيف كانت مؤسسة تخرج لنا علماء يقفون في وجه الطغيان و الآن لا تتعدى إلا أن تكون (دلدولاً) في يد الحاكم.. و كيف يخرج من هذا المكان العز بن عبد السلام سلطان العلماء ليقف في وجه التتار و يلقي بالمماليك في سلة المهملات، و يخرج منه من لا يستطيع أن يقف في وجه من يحاربون الإسلام، بل و يشرع لهم تأليفات و تخريفات و فتاوى تساعد هؤلاء على حرب الداعين إلى شرع الله ليكون حكما و دستورا.

يا سادة.. عندما كانت مؤسسة العلماء مستقلة تمام الاستقلال عن الدولة، كان للعلماء نفوذهم و قوتهم.. كان العالم يمد رجله في وجه الحاكم و هو الفقير المعدم و يحاول الحاكم أن يسترضيه بالمال فيقول له و هو الفقير المعدم إن الذي يمد رجله لا يمد يديه و كلنا نذكر القصة.. و الآن، و العالم يأكل و يشرب من نعيم الحاكم و فضل الحاكم و كرم الحاكم، فلا حاكم له في فتاويه إلا الحاكم فهو الآمر الناهي و لا استطاعة لمن يسمون علماء الآن أن يتفوهوا بكلمة حق لأن فمهم هذا ملئ بسحت الحاكم الذي يدفع لهم.. أما من يريد أن يتكلم، فبيت الحاكم مفتوح له يتكلم فيه كيف يشاء، و هو بيت رحب و لكنه مظلم قليلا، و تختلف تسمية الغرف فيه عن اسماء الغرف لدينا، فقد اختار لها الحاكم إسما ظريفا موسيقيا يسمى زنزانة ليعيش فيها العالم يتكلم فيها كيف يشاء و يقول ما يشاء و ليفرح العالم، فكل ذرات الهواء تسمعه، و هل له من سامع أفضل من ذرات الهواء، و إذا كانت بيوت الله في الأرض المساجد، فبيوت الحاكم في الأرض المعتقلات، لذا ينبغى أن تعج بالزوار الذين يأتون لتكفير ذنوبهم و خطاياهم التى ارتكبوها في حق الحاكم الأعلى.

عندما تصبح مؤسسة العلماء مستقلة عن الدولة، تنفق على نفسها، ولا يتدخل أحد في إدارتها، ولا يكون للحاكم أي سيطرة عليها من قريب أو بعيد، أضمن لكم عودة الإسلام إلى سابق عهده.. لهذا ففصل الدين عن الدولة واجب و ضرورة.. و إلا فسنظل في مستنقعنا الذي نخوض فيه من آمادٍ بعيدة، ولن نخرج منه أبداً.

الأربعاء، ٣ أكتوبر ٢٠٠٧

ثورة الرهبان



لعل الكثير منا لا يعرف أين تقع ميانمار .. أو لا يعرف أن ميانمار هي بورما.. أو لا يعرف أن هذه دولة في الأساس و لعلها مجرد سلطة من سلاطات المطبخ أو صوص لأحد أنواع الفاكهة الصينية.
دولة ميانمار أو بورما دولة تقع في جنوب آسيا على الحدود مع تايلاند و الهند و الصين و بعض الدول المجهولة الأخرى و تطل على خليج البنغال و المحيط الهندي و يعيش بها ما يقرب من 40 مليون مواطن. يدين أغلب السكان بديانة البوذية و يكنون الاحترام الشديد لهذه الديانة.. فهم شعب ديني من الدرجة الأولى.. و لمن لا يعلم، فميانمار تحتل المركز الرابع عالمياً في تصدير الأرز.. حيث يعيش نصف السكان على الزراعة..مساحة ميانمار 650 ألف كيلومتر مربع (نصف مساحة مصر تقريبا) و نصف هذه المساحة يشغلها الغابات.

ظريفة المعلومات اللى فوق دي.. صح؟ لكن ليست هذه هي القضية.. القضية هى ما حدث و مازال يحدث في ميانمار هذه الأيام.. فقد ثار فيها الرهبان على نظام الحكم العسكري الذي يجثم على كاهل الشعب منذ أكثر من خمسين عاما.. و تعدت هذه الثورة حدودالخطب و الكلمات الرنانة.. إلى أن وصلت إلى مظاهرات صاخبة في الشوارع خرج إليها الرهبان بأنفسهم لمساندة الشعب ضد الحكومة.

الغريب أن معلوماتى عن الديانة البوذية لا تتفق تماما مع الوضع الحالى.. فالبوذيون دائما ما يتكلمون عن صفاء النفس و سمو الروح و الزهد و التقشف و تخليص النفس من كل متاع الدنيا.. لذلك تجد أن ديانتهم نوع من الرهبنة و الاعتزال لممارسة الطقوس و العبادات بعيداً عن همجية البشر و تكالبهم على الدنيا.. ولذلك فشيوخ هذا الدين و كباره هم الرهبان الغارقين في الرهبنة إلى النخاع.

لذلك.. عندما تنظر إلى الحدث.. و تجد أن الرهبان الذين يتسمون بالهدوء و السكينة و اعتزال الدنيا.. قد ثاروا و أقاموا الدنيا (التى يعتزلوها).. تستغرب الوضع.. و تتساءل .. هل وصل الظلم إلى الحد الذي يثور معه الرهبان؟؟ هل وصل الظلم إليهم و هم لا يبرحون معابدهم ولا يتركون صلواتهم و يبحثون دائماً عن خلاص النفس بعيداً عن هموم السياسة و الدنيا الفانية الغبية الهمجية على حد تفكيرهم؟

الأغرب من ذلك.. هي مواجهة العسكر لهذه الانتفاضة الرهبانية.. بالضبط كمواجهات العسكر هاهنا لمظاهرات الإصلاح.. ولا غرو.. فالفراعنة سادة تعليم دول العالم طرق القمع و التنكيل و التخلص من الشراذم القليلة التى تستهدف سدة الحكم.

أجلس الآن على الأريكة.. و اشاهد الرهبان يثورون ضد الظلم الذي قد لا يكون واقعاً عليهم اساسا.. و اشاهد الإنسان العربي في مصر و الدول الأخرى.. و هو يشاهد الظلم يقع عليه شخصياً كل يوم.. لا يحرك ساكناً.. ولا ينتبه.. و يظل في بلادته.. يشاهد هو أيضاً ثورة الرهبان.. و كأنها من كوكب آخر.

الجمعة، ١٤ سبتمبر ٢٠٠٧

شم السبرتو و اللى جالو جالو


لا ينكر أحد من مشاهدي فيلم اللي بالي بالك أو اللمبي 2 كما يحلو للبعض تسميته أن مشهد (شرب السبرتو و اللى جالو جالو) أحد أكثر المشاهد كوميديا في الفيلم.
أما أكثر مشاهد الكوميديا التى نراها كل يوم في شوارعنا و التى نستشعرها دائماً عندما نكتشف مدى سذاجتنا و سوء ظننا بأنفسنا فهي ما يحدث فينا من عدة شركات و مصالح حكومية و غير حكومية بدون علمنا ولا حتى إخطارنا بأي معلومة عنه.
خد عندك و إوعى بأة... فقد ظللت لمدة 3 ايام أشم رائحة مادة غريبة (و هي مادة يستخدمها أخي في تنظيف حذائه الشمواه)، و ظللت أشك في نفسي هذه الأيام الثلاثة، هل رائحتى أصبحت بهذا الشكل، أما أنها تحولات للعطر الذي أهدتني إياه خطيبتي و الذي أضع منه دائماً عند نزولي، أم أني لا أستحم، أم إن أخى المجرم قد قام بمسح حذائي بهذا السائل الغريب.
المهم.. بعد عدة محاولات لتتبع رائحتي، و بينما أنا جالس في مكتبي إذا بزميلي يقول (إنتوا شامين ريحة السبرتو دي؟)، و إذا بي أعتدل جالساً، مع العلم أني بعيد عنه لدرجة لا يستطيع شمي فيها لأتهم نفسي بهذا الاتهام.. و إذا بي اسأله و قد وجدت مفتاح اللغز بعد أن كنت ظاناً بنفسي ظن السوء (هو انت كمان شاممها؟).. و إذا بزميلي الثالث يقول (أنا سمعت إنهم حطوا سبرتو في البنزين بدل الرصاص).. و إذا بي أكتشف أن كل المصريين من حولي يشمون الرائحة التى كنت أظن أني كنت المجنون الوحيد الذي يشمها، و أن كل المصريين كانوا يشكون في قدراتهم العقلية، و أن كل واحد منهم كان يظن أنه يشم هذه الرائحة وحده.
ليست هذه هي المشكلة (مع العلم أني أكره هذه الرائحة جدا).. و لكن المشكلة تكمن في موضوع اتهام النفس الشديد الذي يسري في دماء المصريين، و مسألة السبرتو مجرد عينة بسيطة من هذه الاتهامات الشخصية. أما أظرف الاتهامات و التي حدثت معي شخصياً، هو ما حدث للتليفونات المحمولة في مصر بعد نزول الشركة الثالثة الظريفة للخدمة، فقد اتجه أغلب المصريين لشراء تليفونات من تلك التي تقدم خدمات الجيل الثالث - وكنت أنا منهم - ، و هنا حدثت الفاجعة، فقد اتهم أغلب المصريين (المشتركين في شبكة فودافون) محمولاتهم بالغباء المتناهي و بالبوظان عندما فوجئوا أنهم عند قيامهم بأي مكالمة، فإن الطرف الثاني لا يسمعهم، بينما هم يسمعونه بوضوح، و أعزوا تلك المشكلة إلى أن التليفونات الجديدة قد يكون بها فيروس أو ما شابه يقوم بتبويظ المكالمة و تلبيس المواطن الغلبان حقها.. لكن و بعد سلسلة من الاكتشافات المذهلة اكتشفت و اكتشف أغلب المصريين أن السبب ليست تليفوناتهم المحمولة و أنها بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، و أن السبب في كل هذه المشاكل هو شركة المحمول نفسها.
و ستستمر فصول المسرحية الهزلية إلى أن يفيق الشعب من سباته، و إلى أن يقف موقفا جادا من كل ما يتعرض له من استغلال و استغباء من كل من هب و دب.. و إلا، فلا يلومن إلا نفسه إذا ما شم السبرتو و اللى جالو جالو.

فإني قريب

مع دخول رمضان دائماً.. نسعد جداً بتلاوة آيات رمضان و الصيام المذكورة في سورة البقرة، فهي تشعرنا بنفحات رمضان و خيرات رمضان.. شدني هذا العام عندما استمعت للآيات آية (و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذ دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، و استشعرت مدى حب الله لنا و شوقه إلينا، فحينما يبحث العبيد عن ربهم، فهاهو ينادي "إنى قريب" فأين أنتم؟. و عندما تشعر بفداحة ما فعلت طوال العام الماضي، فهاهو ربك ينادي إنى قريب فتب إلى، و عندما تستشعر مدى الظلم الذى تعرضت له و لا زلت تتعرض عليه في ظل نظام دولتنا الغير محترم، و عندما تجد أصدقاءك من حولك تتخطفهم أيادي النظام لتلقي بهم في المعتقلات، تجد المنادي ينادي إني قريب فعد إلى انتقم لك.
كم نحن ظالمون يارب.. لا نتذكر أنك قريب إلا في رمضان.. و يمر رمضان و ننسى و ننسى و ننسى، حتى يعود إلينا مرة أخرى فنتذكر أنك قريب.. اغفر لنا يارب سوء تعاملنا معك.
إن من يعلم أن ربه قريب منه هذا القرب (و نحن أقرب إليه من حبل الوريد)، و يعلم (أن الله على كل شئ قدير) و أنه (إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)، لا ينبغي أبداً أن يصيبه قلق ولا خوف و لا ضيق ولا تعب.
يا عبد الله، إن ربك قريب، فأين أنت منه؟.. هاهو رمضان قد أتى لتدري و تتعلم أن الله قريب، فمتى تفيق و تدرك هذه المعلومة و تعود إلى رشدك، و تخجل أن تعصي من هو أقرب إليك من جبل الوريد، و ألا تسأل إلا من هو أقرب إليك منك.

الأحد، ٩ سبتمبر ٢٠٠٧

دهنوها أخضر

هل تعلمون نظرية العيش الفينو؟؟ إنها النظرية التى يقوم عليها نظام الحكم في مصر،و لها أصول قديمة، و نظراً للحداثة و العولمة، فقد تم تسميتها بالعيش الفينو لمجاراة روح العصر. أصل هذه النظرية، هي أن الحكومة عندما أرادت رفع سعر رغيف العيش الفينو من 5 قروش إلى عشرة قروش، أوحى إليها الشيطان (كالعادة) -كما أوحى لحيي بن أخطب في أيام الجاهلية تماماً- ، أوحى إليها بأن تقوم المخابز بإنتاج رغيف (شكله حلو و بسمسم) بجوار الرغيف المعصص المعضم الحالي، و تعلن المخابز أن هذا الرغيف نوع من تحسين الخدمة للأغنياء القادرين على الدفع، و في نفس الوقت تعلن الحكومة أنه لا ارتفاع في اسعار العيش الفينو أبدا مراعاة لظروف محرومي الدخل. و يمر الوقت، و تجد أن الناس بدأت تقارن بين الرغيفين، و تفضل أن تشترى الرغيف المحسن، فالرغيف المحسن (تمنه فيه)، و الشلن الزيادة مش هيفرق أوي كدة، و تمر الأيام، و تذهب للمخبز لشراء الرغيف القديم، فتجد أن المخبز أصبح يتأخر في إخراجه، لأن الطلب زائد على الرغيف المحسن، و تمر الأيام، و تجد أن رغيف الفينو القديم قد اختفى كلياً من المخابز، فتضطر مغلوباً على أمرك أن تشتري رغيف الفينو المحسن. و ما هي إلا شهور قليلة، و يختفى السمسم من على الرغيف، و أيام بعدها و تدريجيا، يبدأ حجم الرغيف في التقلص حتى يصل إلى نفس حجم الرغيف القديم المعضم في خلال شهور قليلة من بداية النحسين، إلا أن الشئ الوحيد الذي لا يتقلص هو سعره الذي زاد بنسبة 100%، و هكذا، تنجح الحكومة في مخططها الشيطاني البرئ لرفع الأسعار دون أن يشعر المواطن بالخدعة، و إن كنت أظن أن أغلب المصريين يعلمون أنها خدعة و لكنهم بتحركون بمبدأ (هنعمل إيه يعني.. الله يخرب بيتهم).

و طبعاً، لأن (ملة الحكومة واحدة)، و لأن الحكومة تتحرك نحو العبور و المستقبل بفضل القيادة الحكيمة، فلا تستغرب أن تجد أن كل الوزارات تنتهج نفس نهج نظرية العيش الفينو، و أنها هي النظرية الغالبة في كل مظاهر حياتنا و التى تتحرك تبعاً لتحركات القيادة الحكيمة.. ومن أهم هذه الوزارات التى تطبق النظرية بحذافيرها، وزارة النقل و المواصلات، و التى قامت بتنفيذ عدة مشروعات مواصلاتية قائمة على هذه النظرية، فقد قامت بعمل أتوبيسات موازية للأتوبيسات القديمة تحت عنوان الخدمة المميزة، ثم الغت الأتوبيسات القديمة، مع عدة تغييرات في أرقام و مسارات الأتوبيسات، مع تنوع التذاكر داخل الأتوبيس الواحد تبعاً للمسافة، ثم شراء شحنة أتوبيسات بشكل آخر، ناهية عن أتوبيسات الخدمة الليلية، ثم كانت الفاجعة الأخيرة، بنزول الأتوبيسات الخضراء المرسيدس و بأسعار خاصة جدأ لخدمة الشعب (بالمناسبة تغاضيت عن ذكر الأتوبيسات المكيفة رأفةً بحالكم)، و قد تزامن نزول هذه الأتوبيسات مع السماح لبعض الشركات الخاصة بأداء نفس الخدمة من خلال ميني باصات خضراء و بأسعار موزاية تقريباً لأسعار هيئة النقل العام، ليغني كل المصريين، الحياة بأة لونها أخضر، و العيشة هتبقى فل، و تحيا مصر.

ولأن نظرية العيش الفينو، لا تزال تسيطر على عقلية الوزارات المصرية، فقد قررت هيئة النقل العام عمل حركة ظريفة جداً، فبدلاً من التخلص من الطاقم القديم من الأتوبيسات، و ملء الفراغ بالأتوبيسات المرسيدس، أو على الأقل ترك الأتوبيسات القديمة في حالها لخدمة محرومي الدخل، قامت الوزارة بدلاً من ذلك بدهن أتوبيساتها القديمة باللون الأخضر، و طبعاً لأنى متأكد أن اللون الأخضر ليس الهدف منه الحفاظ على البيئة أو توفير بيئة صالحة لحياة طحلب الحلزون المكركر المائي.. فقد تساءلت و قررت أن أسألكم، هما ليه دهنوها أخضر؟؟ أظن الإجابة واضحة، و تحيا مصر في ظل قيادة العيش الفينو.

السبت، ١ سبتمبر ٢٠٠٧

عندما ينحرف القلم

أعرف أن الفاصل الزمني كبير بين افتتاح المدونة و كتابتي لأول مقال فعلي فيها.. و لكني كنت أظن أن حال الصحافة في بلدي سينصلح يوماً ما، و مع الوقت، لم يعد من الغريب أن أصاب بالغثيان كل يوم تقريباً مما أقرأه فيما يسمى بالصحف القومية في بلدي الحبيب.

أصعب شئ يمكن تصوره هو أن ينحرف قلم الإعلام الذي يعبر عن الشعب و يطالب بحقوقه، و أن يصبح هذا القلم مطية تركبها الحكومة لتصل بها إلى أمخاخ البسطاء و العامة في الشعب لتخدعهم أو لتصور لهم قدرات الحكومة و منها علينا بالإنعام و الكرم، أو لتشوه صورة كل من يفتح فمه ليقف أمام النظام الذي يفسد أكثر مما يصلح.

عندما ينحرف القلم.. تستشعر تلك المرارة التي تجعلك تصرخ في داخلك، ولا تستطيع أن تصرخ للخارج، لأن القلم الذي يصرخ لك، أصبح يصرخ للزور و البهتان، ولكن يبقى لك في النهاية نور يضئ في نهاية النفق تنطلق إليه لتجد منادياً ينادي (إن لا يصلح عمل المفسدين)، فيرتاح قلبك، و تسكن جوارحك، و تعرف أنك سترى النور يوماً ما، أو لربما سيراه أبناؤك من بعدك، و لكنك تثق أن النور قادم لا محالة.

السبت، ٢٨ أبريل ٢٠٠٧

بسم الله.. نفتح... إوعى بأة

السلام عليكم
نظراً لأن اليومين دول .. الموضة بتقول.. إنك علشان تقول رأيك.. ماينفعش تروح لجرنال.. ولا ينفع تعمل قناة في التليفزيون.. ولا إذاعة في راديو.. حتى المواقع بعيد عنك بيحجبوها.. قررنا الآتي.
قرار وعواعي رقم واحد: عمل مدونة اسمها إوعى.. وظيفتها بعيد عنهم وعن السامعين نشرالوعي..
قرار وعواعي رقم اتنين: ولأن الديموقراطية لها أنياب.. فالديك تا تور الأعظم هوبس اللى هيكتب في المدونة و يقول رأيه.. اللى عاوز يقول حاجة يا يخليها لنفسه.. يا يبعت كومنت (تعليق يعنى).. وكان الله بالسر عليم

هذا و بالله التوفيق
والسلام عليكم ورحمة الله

Bux.to