الاثنين، ١٥ أكتوبر ٢٠٠٧

فصل الدين عن الدولة... واجب

لقد أصبحت إوعى علمانية.. هذا ما سيتردد لأول وهلة عند قراءة عنوان الموضوع.. ولكن، كما تعودنا فالعبرة ليست بالأسماء و لكن بالمسميات كما كان يقول الإمام حسن البنا رحمه الله دائماً.

فلنراجع التاريخ معاً و لنلاحظ متى كانت الدولة الإسلامية قوية.. و متى قامت الدولة الإسلامية من كبواتها.. و كيف استطاعت الوقوف أمام المحن و الشدائد التى واجهتها.

تذكروا معى ارتداد شبه الجزيرة العربية بعد موت الرسول -صلى الله عليه و سلم-، و تذكروا فتنة الحجاج بن يوسف، و فتنة خلق القرآن، و محنة التتار، و محنة الصليبيين، و ما جاء بعدها من محن و شدائد حتى عصرنا هذا.. ألم يكن فصل الدين عن الدولة هو العامل المحرك للمواجهة و للنصر.


كيف هذا.. و هل كلامى ضرب من ضروب التخريف؟ لا يا سيدي.. و لكن العين الفاحصة الخبيرة تستطيع إكتشاف هذا بسهولة.. و أنظر معى إلى الوضع الحالي.. و أنظر إلى المؤسسة العظيمة التى شيوخها طنطاوي و الطيب و هاشم، كيف كانت و كيف أصبحت.. كيف كانت مؤسسة تخرج لنا علماء يقفون في وجه الطغيان و الآن لا تتعدى إلا أن تكون (دلدولاً) في يد الحاكم.. و كيف يخرج من هذا المكان العز بن عبد السلام سلطان العلماء ليقف في وجه التتار و يلقي بالمماليك في سلة المهملات، و يخرج منه من لا يستطيع أن يقف في وجه من يحاربون الإسلام، بل و يشرع لهم تأليفات و تخريفات و فتاوى تساعد هؤلاء على حرب الداعين إلى شرع الله ليكون حكما و دستورا.

يا سادة.. عندما كانت مؤسسة العلماء مستقلة تمام الاستقلال عن الدولة، كان للعلماء نفوذهم و قوتهم.. كان العالم يمد رجله في وجه الحاكم و هو الفقير المعدم و يحاول الحاكم أن يسترضيه بالمال فيقول له و هو الفقير المعدم إن الذي يمد رجله لا يمد يديه و كلنا نذكر القصة.. و الآن، و العالم يأكل و يشرب من نعيم الحاكم و فضل الحاكم و كرم الحاكم، فلا حاكم له في فتاويه إلا الحاكم فهو الآمر الناهي و لا استطاعة لمن يسمون علماء الآن أن يتفوهوا بكلمة حق لأن فمهم هذا ملئ بسحت الحاكم الذي يدفع لهم.. أما من يريد أن يتكلم، فبيت الحاكم مفتوح له يتكلم فيه كيف يشاء، و هو بيت رحب و لكنه مظلم قليلا، و تختلف تسمية الغرف فيه عن اسماء الغرف لدينا، فقد اختار لها الحاكم إسما ظريفا موسيقيا يسمى زنزانة ليعيش فيها العالم يتكلم فيها كيف يشاء و يقول ما يشاء و ليفرح العالم، فكل ذرات الهواء تسمعه، و هل له من سامع أفضل من ذرات الهواء، و إذا كانت بيوت الله في الأرض المساجد، فبيوت الحاكم في الأرض المعتقلات، لذا ينبغى أن تعج بالزوار الذين يأتون لتكفير ذنوبهم و خطاياهم التى ارتكبوها في حق الحاكم الأعلى.

عندما تصبح مؤسسة العلماء مستقلة عن الدولة، تنفق على نفسها، ولا يتدخل أحد في إدارتها، ولا يكون للحاكم أي سيطرة عليها من قريب أو بعيد، أضمن لكم عودة الإسلام إلى سابق عهده.. لهذا ففصل الدين عن الدولة واجب و ضرورة.. و إلا فسنظل في مستنقعنا الذي نخوض فيه من آمادٍ بعيدة، ولن نخرج منه أبداً.

الأربعاء، ٣ أكتوبر ٢٠٠٧

ثورة الرهبان



لعل الكثير منا لا يعرف أين تقع ميانمار .. أو لا يعرف أن ميانمار هي بورما.. أو لا يعرف أن هذه دولة في الأساس و لعلها مجرد سلطة من سلاطات المطبخ أو صوص لأحد أنواع الفاكهة الصينية.
دولة ميانمار أو بورما دولة تقع في جنوب آسيا على الحدود مع تايلاند و الهند و الصين و بعض الدول المجهولة الأخرى و تطل على خليج البنغال و المحيط الهندي و يعيش بها ما يقرب من 40 مليون مواطن. يدين أغلب السكان بديانة البوذية و يكنون الاحترام الشديد لهذه الديانة.. فهم شعب ديني من الدرجة الأولى.. و لمن لا يعلم، فميانمار تحتل المركز الرابع عالمياً في تصدير الأرز.. حيث يعيش نصف السكان على الزراعة..مساحة ميانمار 650 ألف كيلومتر مربع (نصف مساحة مصر تقريبا) و نصف هذه المساحة يشغلها الغابات.

ظريفة المعلومات اللى فوق دي.. صح؟ لكن ليست هذه هي القضية.. القضية هى ما حدث و مازال يحدث في ميانمار هذه الأيام.. فقد ثار فيها الرهبان على نظام الحكم العسكري الذي يجثم على كاهل الشعب منذ أكثر من خمسين عاما.. و تعدت هذه الثورة حدودالخطب و الكلمات الرنانة.. إلى أن وصلت إلى مظاهرات صاخبة في الشوارع خرج إليها الرهبان بأنفسهم لمساندة الشعب ضد الحكومة.

الغريب أن معلوماتى عن الديانة البوذية لا تتفق تماما مع الوضع الحالى.. فالبوذيون دائما ما يتكلمون عن صفاء النفس و سمو الروح و الزهد و التقشف و تخليص النفس من كل متاع الدنيا.. لذلك تجد أن ديانتهم نوع من الرهبنة و الاعتزال لممارسة الطقوس و العبادات بعيداً عن همجية البشر و تكالبهم على الدنيا.. ولذلك فشيوخ هذا الدين و كباره هم الرهبان الغارقين في الرهبنة إلى النخاع.

لذلك.. عندما تنظر إلى الحدث.. و تجد أن الرهبان الذين يتسمون بالهدوء و السكينة و اعتزال الدنيا.. قد ثاروا و أقاموا الدنيا (التى يعتزلوها).. تستغرب الوضع.. و تتساءل .. هل وصل الظلم إلى الحد الذي يثور معه الرهبان؟؟ هل وصل الظلم إليهم و هم لا يبرحون معابدهم ولا يتركون صلواتهم و يبحثون دائماً عن خلاص النفس بعيداً عن هموم السياسة و الدنيا الفانية الغبية الهمجية على حد تفكيرهم؟

الأغرب من ذلك.. هي مواجهة العسكر لهذه الانتفاضة الرهبانية.. بالضبط كمواجهات العسكر هاهنا لمظاهرات الإصلاح.. ولا غرو.. فالفراعنة سادة تعليم دول العالم طرق القمع و التنكيل و التخلص من الشراذم القليلة التى تستهدف سدة الحكم.

أجلس الآن على الأريكة.. و اشاهد الرهبان يثورون ضد الظلم الذي قد لا يكون واقعاً عليهم اساسا.. و اشاهد الإنسان العربي في مصر و الدول الأخرى.. و هو يشاهد الظلم يقع عليه شخصياً كل يوم.. لا يحرك ساكناً.. ولا ينتبه.. و يظل في بلادته.. يشاهد هو أيضاً ثورة الرهبان.. و كأنها من كوكب آخر.

Bux.to