الأحد، ٢٣ نوفمبر ٢٠٠٨

كلنا نأكل العلف


لم يؤثر في الخبر كما هو متوقع... الخبر يقول (أهل غزة يطحنون القمح المخصص كعلف لتحويله إلى خبز لمواجهة الجوع المتزايد نتيجة الحصار)... ذلك أنه قد سبق هذا الخبر منذ أسابيع قليلة خبر لطيف من مصر الحبيبة يقول (أهل القليوبية يأكلون خبزاً مصنعاً من قمح مخصص كعلف)... لذلك لم أستغرب الخبر، فقد أكل أهلنا العلف دون أن يشعروا بالفرق و دون أن يشتكوا و دون أن يؤثر هذا في حياتهم بتاتاً... و على هذا، و في ظل الحاجة الشديدة لأهل غزة للغذاء فالعلف لن يؤثر معهم هم أيضاً

هذه هي الكوميديا السوداء التي نعيشها كل يوم على أرض مصر... و يعيشها أخواننا في غزة أيضاً... تلك الكوميديا التي لا تدري أتضحك منها ملء فيك أم تجهش بالبكاء من أحداثها...

ما يجعلك سعيداً هو أنك قد تكون مررت بنفس ظروف إخوانك في غزة... فكلاكما يأكل العلف... أما ما يحزنك بشدة، فهو أنهم يأكلون العلف لأنهم رفضوا أن يسكتوا عن حقوقهم في أن يكونوا شعباً حراً، أما نحن فنأكل العلف لأن حقوقنا قد سلبت و أصبحت في أيدي إقطاعيين و راشين و مرتشين يسلبون حريتنا كل يوم و نحن ساكتون ماضون في طريقنا كأن شيئاً لم يكن

أتمنى أن تكون الحكومة سعيدة الآن بما يحدث و أن تصدر بياناً صاخباً (يستحسن أن يكون من مجلس الشورى المحروق) تعلن فيها أنها تضامنت مع أهل غزة تضامناً كاملاً و ذلك بأنها أجبرت المواطنين المصريين على أكل العلف الذي يأكل منه قطاع غزة بكامله الآن।

و أتمنى أن تكون الحكومة سعيدة و هي تشاهد أهل غزة وهم يقتربون من الموت جوعاً و قتلاً و برداً... و أن تظل الحكومة على مبدأها و ألا تتنازل أبداً عن مشاركة الصهاينة الحصار على غزة... ذلك أنها لا تستحق أبداً إلا الدعاء عليها من المظلومين في القطاع.... أما الشعب المصري فله الله في حكومة متخصصة في إطعام الشعبين المصري و الفلسطيني العلف.

الاثنين، ٢٩ سبتمبر ٢٠٠٨

فأنى يستجاب لنا؟

كم وقفنا ساعاتٍ كثيرة نرفع أيدينا إلى الله ندعو و ندعو و ندعو.. كم دعونا في رمضان.. و كم دعونا في غير رمضان.. دعونا في صلاة و في قيام  في تهجد.. دعونا في الضراء كثيراً و قليلاً في السراء.. المهم أننا ندعو.. و لكن هل فكرنا مرة فيما ندعو؟ و هل عملنا مرة لما ندعو به؟ نحن نريد و نبتغي و نتمنى.. و لكن، هل نسير في طريق ما نريد، و نؤدي ما يضمن لنا ما نبتغي، و نعمل لما نتمناه.

Al_aqsa_mosque2 بالأمس في ليلة التاسع و العشرين من رمضان.. استمعت إلى جزء من دعاء ختم القرآن بالحرم المكي.. الدعاء رائع.. تستمع إليه.. تبكي له.. تعيش معه.. و بينما أنا أستمع إذ وقعت أذني على دعاء لطالما دعوناه.. و تمنيناه.. و رغبنا فيه.. دعوناه كثيراً.. و كان أملاً لنا أن يتحقق.. اللهم حرر المسجد الأقصى.. اللهم ارزقنا فيه صلاة قبل الممات.

توقفت عن المتابعة.. و فكرت ملياً.. كم سنة مرت من أعمارنا و نحن ندعو بهذا الدعاء؟ و كم سيمر؟.. كم من الناس وقف وراء الإمام ليردد بكل قوة و من كل قلبه (آمين) و هو يتخيل هذا الموقف؟.. كم من امرئ مات ووري التراب و قد كان ما يزال يدعو بهذا الدعاء.. و كم سيموت و هو لا يزال يدعو؟

كثير هؤلاء.. بل أكثر من الكثير بقليل.. و لكن السؤال هنا.. كم من هؤلاء على مر الزمن دعا بالدعاء و عمل له؟.. هل فكرت مرة كيف ستصلي في المسجد الأقصى قبل الممات؟.. لا أدري!!.. هل فكرت مرة كيف ستشد الرحال إلى القدس الشريف لتصلي هناك؟.. هل فكرت متى سيكون ذلك؟ بل هل فكرت حتى في الدعاء بعد أن دعوته؟

نحن ندعو و ندعو و ندعو.. و ننسى و ننسى.. ندعو بأن نصلي في المسجد الأقصى و لا نفكر كيف سنصلي فيه..  ندعو بأن يغفر الله لنا و لا نتوب.. ندعو بأن ينصرنا الله و لا ننصره.. ندعو بأن ندخل الجنة و لا نعمل لها.. فأنى يستجاب لنا؟

الأحد، ١٠ أغسطس ٢٠٠٨

هدية لسيادة الرئيس

لعلي غير معتاد على النقل إلى مدونتي، و لكن وصلتني هذه الرسالة فآثرت أن أنقلها خيراً لي من الجلوس دون كتابة كل هذه الفترة، خاصة و قد ارتأيتها هدية رائعة لسيادة الرئيس، أحببت أن أهديها إليه في أواخر أيام عمره.. الرسالة تقول:

(( فلما تلقى عمر بن عبد العزيز خبر توليته (للخلافة)، انصدع قلبه من البكاء، وهو في الصف الأول، فأقامه العلماء على المنبر وهو يرتجف، ويرتعد، وأوقفوه أمام الناس، فأتى ليتحدث فما استطاع أن يتكلم من البكاء، قال لهم: بيعتكم بأعناقكم، لا أريد خلافتكم، فبكى الناس وقالوا: لا نريد إلا أنت، فاندفع يتحدث، فذكر الموت، وذكر لقاء الله، وذكر مصارع الغابرين، حتى بكى من بالمسجد.

يقول رجاء بن حيوة: والله لقد كنت أنظر إلى جدران مسجد بني أمية ونحن نبكي، هل تبكي معنا !! ثم نزل، فقربوا له المَراكب والموكب كما كان يفعل بسلفه، قال: لا، إنما أنا رجل من المسلمين، غير أني أكثر المسلمين حِملاً وعبئاً ومسئولية أمام الله، قربوا لي بغلتي فحسب، فركب بغلته، وانطلق إلى البيت، فنزل من قصره، وتصدق بأثاثه ومتاعه على فقراء المسلمين.

نزل عمر بن عبد العزيز في غرفة في دمشق أمام الناس؛ ليكون قريبًا من المساكين والفقراء والأرامل، ثم استدعى زوجته فاطمة، بنت الخلفاء، أخت الخلفاء، زوجة الخليفة، فقال لها: يا فاطمة، إني قد وليت أمر أمة محمد عليه الصلاة والسلام - وتعلمون أن الخارطة التي كان يحكمها عمر، تمتد من السند شرقًا إلى الرباط غربًا، ومن تركستان شمالاً، إلى جنوب أفريقيا جنوبًا - قال: فإن كنت تريدين الله والدار الآخرة، فسلّمي حُليّك وذهبك إلى بيت المال، وإن كنت تريدين الدنيا، فتعالي أمتعك متاعاً حسنًا، واذهبي إلى بيت أبيك، قالت: لا والله، الحياة حياتُك، والموت موتُك، وسلّمت متاعها وحليّها وذهبها، فرفَعَه إلى ميزانية المسلمين.

ونام القيلولة في اليوم الأول، فأتاه ابنه الصالح عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز، فقال: يا أبتاه، تنام وقد وليت أمر أمة محمد، فيهم الفقير والجائع والمسكين والأرملة، كلهم يسألونك يوم القيامة، فبكى عمر واستيقظ. وتوفي ابنه هذا قبل أن يكمل العشرين.

عاش عمر - رضي الله عنه - عيشة الفقراء، كان يأتدم خبز الشعير في الزيت، وربما أفطر في الصباح بحفنة من الزبيب، ويقول لأطفاله: هذا خير من نار جهنم.

أتى إلى بيت المال يزوره، فشم رائحة طيب، فسدّ أنفه، قالوا: مالك؟ قال: أخشى أن يسألني الله - عز وجل - يوم القيامة لم شممت طيب المسلمين في بيت المال. إلى هذه الدرجة، إلى هذا المستوى، إلى هذا العُمق.

دخل عليه أضياف في الليل، فانطفأ السراج في غرفته، فقام يصلحه، فقالوا: يا أمير المؤمنين: اجلس قال: لا، فأصلح السراج، وعاد مكانه، وقال: قمت وأنا عمر بن عبد العزيز، وجلست وأنا عمر بن عبد العزيز.

قالوا لامرأته فاطمة بعد أن توفي: نسألك بالله، أن تصِفي عمر؟ قالت: والله ما كان ينام الليل، والله لقد اقتربت منه ليلة فوجدته يبكي وينتفض، كما ينتفض العصفور بلَّله القطْر، قلت: مالك يا أمير المؤمنين؟ قال: مالي !! توليت أمر أمة محمد، وفيهم الضعيف المجهد، والفقير المنكوب، والمسكين الجائع، والأرملة، ثم لا أبكي، سوف يسألني الله يوم القيامة عنهم جميعاً، فكيف أُجيب ؟! ))

إلى هنا و انتهت الرسالة.. و لا أستطيع التعليق عليها.. ذلك أنها لا تحتاج إلى تعليق.. و لكنى تذكرت بيتاً من الشعر أرجو من سيادتكم ألا تفهمه على وجه الخطأ:

لقد أسمعت إذ ناديت حياً .. و لكن لا حياة لمن تنادي

السبت، ٩ أغسطس ٢٠٠٨

عذراً يا مدونتي

عذراً يا مدونتي
مشكلتك أنك تتعاملين مع شخص مثلي لا يراعيك و لا يعطيك حقك
ظلم القلم و أمعن في ظلمه حتى استحال قطعة خشب مهترئة لا تنفع ولا تضر
ضرب على عقله بسياج يمنع الأفكار أن تخرج منه حتى أصبح لا يسمع منه إلا همساً واهياً لا يمكن أن يكون إلا صوت الأنفاس تخرج و تدخل معلنةً أنه لا يزال على قيد الحياة
نسي أن هناك من يسمعون و ينتظرون هذه الأفكار أن تستحيل كلاماً مكتوباً ذلك أنهم و عذراً لا يستطيعون قراءة الأفكار
عذراً يا مدونتي أنك ملكي، ولكن اصبري على البلاء و لك الجنة

الأربعاء، ١٤ مايو ٢٠٠٨

دهنوها أخضر (تو)

يبدو أن الحكومة لن تتوقف أبداً عن تسفيه الشعب و استخدام كافة الوسائل التي تجعلها تثبت مدى تكيف الشعب مع القرارات الغبية التي تتخذها على فترات متقاربة جداً، على غرار العلاوة و ارتفاع الأسعار في يومين متتاليين.

20080507377

لمن لا يعرف نظرية العيش الفينو عليه الرجوع لـ دهنوها أخضر (وان).. على غرار مقولة عبد الفتاح القصري (حنفي) في ابن حميدو واصفاُ المركب التي كان ينوي بيعها (دوكها نورماندي وان، إنما دي نورماندي تو).

و مع ارتفاع الأسعار المبالغ فيه، كان لابد لمترو الدودة (كما يحلو للبعض تسميته) من وقفة (قال يعني هو بيمشي أساسا).. فوقف المترو الدودة ليعلن أنه يشارك الحكومة قلباً و قالباً، عرباتٍ و قضباناً، في نظرية العيش الفينو، و ها هو يلبس رداءه الأخضر الجديد و يسير مختالاً معطلاً الطريق في ركب الحكومة السعيدة، ليزيد سعر تذكرته هو الآخر الضعف في الغالب في القريب العاجل إن شاء الله.

يبدو أن الحكومة لم تجد بداً من دهن مترو الدودة باللون الأخضر ليكون لديها الحجة الدامغة التي تمكنها من رفع أسعار التذكرة، و ذلك في ظل غياب القناعات لدى المواطن عن سبب الزيادة التي يمكن طرحها، خاصة أن المترو يسير بالكهرباء و ليس بالسولار كبقية المواصلات.

هنيئاً لنا يا إخواني حكومتنا (النظيفة) (الرشيدة) المليئة (بالعز) و (السرور)، و لنحتفل جميعاً بدخول مترو الدودة عصر العيش الفينو، و لنجعل حياتنا خضراء اللون كالمترو، و لنتساءل في براءة، ترى عن ماذا ستكون دهنوها أخضر (ثري)؟!

الخميس، ٢٤ أبريل ٢٠٠٨

ليست لفتة يا عادلي

خرجت علينا صحف الحكومة هذا اليوم 24 أبريل 2008 بخبر لطيف احتل مساحة حقيرة (تتناسب مع الخبر بصراحة) ليستمر إحساسك بأنك تعيش في وسية الباشا الشماشيري و الخواجة خريستو و اللذين يديرانها بالسوط و الكرباج لكل من يفتح فمه ليقول (يا باشا دي أرضي) .

1207686161  إسراء، هذه الفتاة التي هزت عرش الباشا و أعوانه، و استطاعت بدعوة بسيطة منها أن تحرك ملايين من الشعب المصري ضد النظام (ولا أعرف لما يسمى بالنظام رغم أنه عشوائي متخلف)، تلك الفتاة التي اعتقلت ثم خرجت فاختفت و لم تظهر، كلكم تعرفون قصتها .. خرجت علينا صحف الباشا هذا اليوم لتقول أن لفتة إنسانية من شيخ غفرالوسية.. آسف.. من وزير الداخلية، أخرجت الفتاة من محبسها الذي لم يعرفه أحد، و ذلك رغم قرار خروجها من النيابة إلى بيتها السابق.. لا تدري، كيف أكون مفترى عليه، و يتعطف الظالم علي بلفتة إنسانية؟؟.

ذكرتني تلك الواقعة بواقعة سيدنا إبراهيم مع النمروذ، وقف النمروذ يدعي الألوهية، فتحداه سيدنا إبراهيم عليه السلام واصفاً الإله بأنه يحيي و يميت، فتجبر النمروذ قائلاً أنا أحيي و أميت، و طبعاً لعرض المثال على قدراته الرهيبة، جاء النمروذ بواحد و قتله و قال: ها أنا ذا أميت،  و جاء بآخر من الذين سيعدموا، و قال له إذهب إلى بيتك و أكمل، ها أنا ذا أحيي، و لأن هذا كلام فارغ و لعب عيال، و لأن سيدنا إبراهيم واع و مجرب، ألهمه الله سبحانه و تعالى كيف يعجز هذا المتكبر الغبي، فقال له (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق، فأت بها من المغرب)، فكان رد فعل هذا الذي كان متجبراً منذ قليل أن (فبهت الذي كفر).

يا عادلي.. أنت و من فوقك و من تحتك، أما علمتم أن الله ناظر إليكم، تتجرأون على الله و من ثم تتجرأون على الشعب، و يصبح أن تظلم ثم تعطي جزءً من الحق (لفتة إنسانية)، من عملكم هذا الجبروت، كيف تكونوا مسلمين و أنتم تعيشون بهذا المبدأ الذي بشعه الله في القرآن.. يا عادلي، إنتمي إلى اسمك مرة أو حتى انتمى له ذرة، كن رجلاً عادلاً و لو لمرة واحدة، كن وزيراً في خدمة الشعب ولا تكن جباراً في خدمة الطاغوت.. يا عادلي والله ستسأل، و ليس عن واحد ولا اثنين، بل عن ملايين و ملايين، ممن تعرف و ممن لا تعرف، من مصر و خارج مصر، ماذا أعددت ليوم تكون فيه واقفاً أمام ربك.

يا عادلي، إنها ليست لفتة، بل حق لإسراء أن تعود إلى بيتها، و حق لنا أن نقف في وجه الظالم، و اختر لك طريقاً، أن تعين ظالماً، أو تنصر مظلوماً.

يا عادلي، إنها ليست لعبة، بل جنة و نار، و ستسأل و سنسأل عن كل صغيرة و كبيرة، فهل أنت مستعد؟؟

الأحد، ٢٣ مارس ٢٠٠٨

مرثية الوجوه (شعر)

أعلم أن غيابي طال ... لكن معلش... كنت باتجوز... لكن مع حضور ذكرى استشهاد الشيخ ياسين... كان لازم أرجع... و أنزل هذه القصيدة المكتوبة خصيصا للشيخ ياسين -رحمه الله- ... و تقول المرثية:
حروف الشعر ترجوني
و تدعوني،
لأكتب فيك أشعاري
و أوتاري،
تشد أصابعي شداً
و تجذبني
لأعزف فيك ألحاني،
و ألواني،
تناديني،
لأرسم فيك يا وطني
وجوهاً بيِضَ، أعياني
غيابهمو، فإنهمو
شموعاً قد أضاءت لي
دياجيري، و أظناني
و أظماني،
لهيب الشوق للكلمات
أسمعها، و أوعاها
و أملأ منها آذاني
و آذاني،
غياب مدامع القوم
و مدمعهم و مسمعهم
لأجل الخاسر الداني
******
أياياسين مر العام
تلو العام و العامِ
و رحنا نطلق الآهات
نسأل كل إنسانِ
تُراك رحلت؟ لم ترحل
رحلنا نحن و الجاني
و صار حطامنا الأسود
حطاماً أسوداً قاني
أياياسين فقدانك
له تهتز أركاني
عزائي جنة الفردوس
فيها النور رباني.

الأحد، ٢٧ يناير ٢٠٠٨

إلى من علم اللاعبين.. أن يكون لهم رسالة

و من منا لا يعرف محمد أبو تريكة صاحب الشهرة العالمية و ليست المحلية أو الإقليمية فقط.. ذلك اللاعب الذي أدهش العالم بشهرته الرهيبة التى اكتسبها لاجتماع عدة صفات فيه قلما أن تجتمع في لاعب من اللاعبين، أبو تريكة الهداف و المهاجم و لاعب الارتكاز و صانع الألعاب الخلوق المتواضع المتدين الساجد و أخيراً و ليس آخراً.. الواعي بقضايا أمته.


يوم أن أهان الدانماركيون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برسومهم إياها.. أحرز أبو تريكة الهدف ليرفع فانلته ليظهر من تحتها (نحن فداؤك يا رسول الله).. و اليوم، ومع الحصار الغاشم على غزة.. أحرز أبو تريكة الهدف ليرفع فانلته مظهراً من تحتها (تعاطفاً مع غزة).. وي كأن أبو تريكة لا يحرز الأهداف لكونها سبيل للفوز في المباراة، و لكن الأهداف بالنسبة له هي الظرف الذي يحمل الرسالة التي يرسلها إلى كل العالم.

الغريب في أبو تريكة أنه كان يلبس هذه الفانلة و هو على دكة الاحتياطي، ولاحظ معى أن منتخب مصر كان يلعب مع فريق ضعيف نسبياً (السودان)، و قد هزم من فرقة زامبيا بثلاثة أهداف، أي أن احتمالات أن يقوم حسن شحاتة بتغييرات في مباراة كهذه احتمالات ضعيفة جداُ.. و مع هذا يرتبص الأسد للنزول و يستعد حاملاً رسالته معه، و ينزل الملعب، و يرسل أبو تريكة الكرة لعمرو زكي ليحرز الهدف، و مع هذا، يعيد عمرو الكرة لأبو تريكة ليحرز هو الهدف، و يحرزه أبو تريكة ليرفع فانلته (تعاطفاً مع غزة.. Sympathize with Ghaza)... سدد الله رميك يا أبو تريكة.. إنها إرادة الله أن تبعث برسائلك.. فمن أدراك أنك ستنزل الملعب و من أدراك أنك ستحرز أهدافاً.. الله أعلم.

الطبيعي عندنا (كملتزمين) عندما نحب أن نعبر عن غياب القدوة أو ضياع المستقبل.. فإننا غالباً ما نشير إلى فئتين من الناس، الفنانون، ولاعبوا الكرة.. ذلك أننا نرى أن هؤلاء هم من يأخذون أجورهم على التفاهات و الكلام الفارغ.. و لكن أبو تريكة أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنك تستطيع أن تكون لاعباً، في نفس الوقت الذي يمكن أن تكون فيه صاحب رسالة، تطلقها بقوة لتستقر في أدمغة الملايين، و تؤثر فيهم و تعلمهم معنى أن يكون لك رأي و أن لا تخاف من الدنيا طالما أن الحق معك.

أبو تريكة الذي علم اللاعبين و أكد في أدمغتهم أن تسجد لله شكراً بعد الهدف، هو الذي جعل هتاف (أرقص يا حضري) فعلاً و عملاً (أسجد يا حضري) و كلنا رأينا الكاميرا بعد الأهداف تنطلق إلى عصام الحضري - الذي اشتهر بهتاف الرقص - لتظهره ساجداً لله يرفع يديه بالشكر إليه و الحمد.

إلى من علم اللاعبين أن يكون لهم رسالة... لم تكن أمنيتي أن يدخل المنتخب المصري كأس العالم أكبر منها مثل الآن.. بالفعل، أدعو الله أن يدخل المنتخب المصري كأس العالم و معهم لاعب مثلك ليعلموا العالم معنى أن تكون فريقاً ساجداً لله يحرز أهدافه لا من أجل المباراة و لكن تعاطفاً مع غزة.

الجمعة، ١٨ يناير ٢٠٠٨

الحقير

لم أجد بداً من كتابة هذه الرسالة إلى أحقر من علمت.. و التي كنت أنوي تأخيرها إلى حين.. و لكن دائماً ما يكون الحقراء كذلك.. يجعلونك تخرج من نفسك و تتلفظ بما كنت تظن أنك ستظل حياً دون أن تتلفظه.

صدقني.. و مع إحساسي الشديد بأني قد ظلمت لفظ الحقير برقته و وداعته بنعتك إياه، إلا أنني لم أجد لفظاً أحقر شأناً و لا أسفل منزلةً من هذا اللفظ، و ظللت أبحث كثيراً عما يمكن أن يحتويه صدري من ناحيتك، و لكني وجدت صدري لا يحتمل أن يبقى فيه منك شئ.. و الحمد لله أني لم أصب بشرقة تودي بحياتي لما بصدري من جهتك.. و أنا متأكد من أنك كنت ستشعر بالسعادة العارمة تجتاحك في هذه اللحظات التي أقتل فيها بسببك، ذلك، أنه سيضاف قتيلٌ إلى الملايين الذين يكتبون في ميزان سيئاتك، و لكن يساورني شك في أن أحاسيسك قد وصلت بك من البلادة بدرجةٍ تجعلك لا تشعر أساساً بمقتلي أو بمقتل غيري.. ولا عجب، فكلا الحالتين هي طبيعة الحقراء باختلاف الزمان و المكان و الأحداث.



عزيزي السافل، يساورني شكٌ أيضاً في أنه قد تبقى في عروقك بضعة قطرات من دماء تحتاجها ليحمر وجهك خجلاً حينما تعلم أن الشعب المصري بأكمله لا يرحب بك و يرفع شعار (لا مرحباً ببوش مجرم الحرب)، فالطبيعي في أي إنسان طبيعي، أن يعلم إذا ما كان مرحباً به فيستمر أو غير مرحب به فيفر، و لكنها هي ذاتها تلك البلادة و البرود المختلط بفقدان السوائل حمراء اللون من الجسد، تلك التي تجعلك لا تشعر ولا تأبه لرفض الملايين لك و لأمثالك.. و لكن ماذا عساي أن أقول، وهل أكرر قولي بأنها صفات الحقراء؟ أحسب أنها واضحة.

الغريب، أن مواطن الشارع البسيط الذي لا يفقه شيئاً، و الذي تحسبه جامداً لا يتحرك و لا يعلم.. ذلك المواطن إذا ذكرت أمامه و بشر بأنك ستكون ضيفاً علينا، ما يلبث إلا أن ينهال عليك بالشتائم و السباب و اللعنات بكل ما أوتي من قوة، وهو مؤمن بأنه كلما إزدادت لعناته لك كلما ثقل عمله في ميزان حسناته في الآخرة.. أعجب لهذا فعلاً، فقد ظننت أن البسطاء غافلون عن الحقراء، و لكني تعلمت أن الرائحة النتنة تنتشر في كافة الأنحاء ولا يستطيع أحد أن يمنع أحد من أن يستنشقها و يعرب عن رأيه فيها.

الغريب أيضاً أن سفهاء السياسة يفهمون أجندتك الحقيرة التى تحاول فرضها علينا و كأننا قلل قناوي معلقة في شرفة البيت الأبيض، فمن منا لا يفهم بلادتك بخصوص القضية الفلسطينية و غباءك حول أنفاق مصر مع غزة و تخلفك في قضية حشد الأصوات ضد إيران للقيام بعمل عسكري ضدها بمعاونة إسرائيل و دناءتك في قضية تخفيض سعر البترول الذى تعدى حاجز المائة دولار بعد أن كان لا يتعدى حاجز الثلاثين دولاراً قبيل حروبك المقدسة ضد أفغانستان و العراق.. هذا من سفهاء السياسة، فما بالك بالسياسيين أنفسهم؟؟.. و لكن يبدو أن موسم المصاصات قد بدأ مبكراً هذا العام.

و استكمالاً لموسم الحقارة الجديد استقبلك حكام العرب بالرقص، و نشكر طبعاً حقارتك التى جعلتك تشارك في الرقص بالسيوف مع ذلك الحاكم بينما تتلطخ يدك بدماء شهداء مجزرة غزة، و هذا طبيعي ولا نلومك عليه أبداً.. فقد سمعت أن من عادة الحقراء أن يرقصوا بعد قتل ضحاياهم ، و لكنى لم أصدق هذا إلا عندما شاهدتك في التلفاز.. هنئياً لك إثبات هذه الحقيقة العلمية بالدليل التلفازي.

الأغرب لأنه لم يأت بمخيلتك (وهذه طبيعي فالحفارة تطغى على التفكير عادةً) أن تسأل نفسك سؤالاً و هو لماذا يستقبلني مبارك في شرم الشيخ ولا يستقبلني في العاصمة.. إذا كان لديك إجابة، فهذا دليل حقارة الفهم و التطنيش أما إذا لم يكن لديك فهذا دليل حقارة الغباء و التهبيل، و لا فرق إذاً فكليهما حقارة.

و لا نريد بأن نجعل حقارتك الطاغية تعمي أعيننا عن المبدأ اللطيف الذي تعيش عليه حكوماتنا اللطيفة و هو (الطيور على أشكالها تقع).. ولا تعليق.

إهداء إليك، يا أحقر البشرية، أهديه لك مزداناً بدماء شهداء غزة، و إعراباً مني عن ترحيبي الشديد بإلقائك في مزبلة التاريخ - إن لم تكن مزبلة حقيقية - في أقرب وقت يشفي صدري و يثلجه.. آمين اللهم.. دعوة في السحر أدعوها إليك يارب.

Bux.to