الأحد، ٢٧ يناير ٢٠٠٨

إلى من علم اللاعبين.. أن يكون لهم رسالة

و من منا لا يعرف محمد أبو تريكة صاحب الشهرة العالمية و ليست المحلية أو الإقليمية فقط.. ذلك اللاعب الذي أدهش العالم بشهرته الرهيبة التى اكتسبها لاجتماع عدة صفات فيه قلما أن تجتمع في لاعب من اللاعبين، أبو تريكة الهداف و المهاجم و لاعب الارتكاز و صانع الألعاب الخلوق المتواضع المتدين الساجد و أخيراً و ليس آخراً.. الواعي بقضايا أمته.


يوم أن أهان الدانماركيون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برسومهم إياها.. أحرز أبو تريكة الهدف ليرفع فانلته ليظهر من تحتها (نحن فداؤك يا رسول الله).. و اليوم، ومع الحصار الغاشم على غزة.. أحرز أبو تريكة الهدف ليرفع فانلته مظهراً من تحتها (تعاطفاً مع غزة).. وي كأن أبو تريكة لا يحرز الأهداف لكونها سبيل للفوز في المباراة، و لكن الأهداف بالنسبة له هي الظرف الذي يحمل الرسالة التي يرسلها إلى كل العالم.

الغريب في أبو تريكة أنه كان يلبس هذه الفانلة و هو على دكة الاحتياطي، ولاحظ معى أن منتخب مصر كان يلعب مع فريق ضعيف نسبياً (السودان)، و قد هزم من فرقة زامبيا بثلاثة أهداف، أي أن احتمالات أن يقوم حسن شحاتة بتغييرات في مباراة كهذه احتمالات ضعيفة جداُ.. و مع هذا يرتبص الأسد للنزول و يستعد حاملاً رسالته معه، و ينزل الملعب، و يرسل أبو تريكة الكرة لعمرو زكي ليحرز الهدف، و مع هذا، يعيد عمرو الكرة لأبو تريكة ليحرز هو الهدف، و يحرزه أبو تريكة ليرفع فانلته (تعاطفاً مع غزة.. Sympathize with Ghaza)... سدد الله رميك يا أبو تريكة.. إنها إرادة الله أن تبعث برسائلك.. فمن أدراك أنك ستنزل الملعب و من أدراك أنك ستحرز أهدافاً.. الله أعلم.

الطبيعي عندنا (كملتزمين) عندما نحب أن نعبر عن غياب القدوة أو ضياع المستقبل.. فإننا غالباً ما نشير إلى فئتين من الناس، الفنانون، ولاعبوا الكرة.. ذلك أننا نرى أن هؤلاء هم من يأخذون أجورهم على التفاهات و الكلام الفارغ.. و لكن أبو تريكة أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنك تستطيع أن تكون لاعباً، في نفس الوقت الذي يمكن أن تكون فيه صاحب رسالة، تطلقها بقوة لتستقر في أدمغة الملايين، و تؤثر فيهم و تعلمهم معنى أن يكون لك رأي و أن لا تخاف من الدنيا طالما أن الحق معك.

أبو تريكة الذي علم اللاعبين و أكد في أدمغتهم أن تسجد لله شكراً بعد الهدف، هو الذي جعل هتاف (أرقص يا حضري) فعلاً و عملاً (أسجد يا حضري) و كلنا رأينا الكاميرا بعد الأهداف تنطلق إلى عصام الحضري - الذي اشتهر بهتاف الرقص - لتظهره ساجداً لله يرفع يديه بالشكر إليه و الحمد.

إلى من علم اللاعبين أن يكون لهم رسالة... لم تكن أمنيتي أن يدخل المنتخب المصري كأس العالم أكبر منها مثل الآن.. بالفعل، أدعو الله أن يدخل المنتخب المصري كأس العالم و معهم لاعب مثلك ليعلموا العالم معنى أن تكون فريقاً ساجداً لله يحرز أهدافه لا من أجل المباراة و لكن تعاطفاً مع غزة.

الجمعة، ١٨ يناير ٢٠٠٨

الحقير

لم أجد بداً من كتابة هذه الرسالة إلى أحقر من علمت.. و التي كنت أنوي تأخيرها إلى حين.. و لكن دائماً ما يكون الحقراء كذلك.. يجعلونك تخرج من نفسك و تتلفظ بما كنت تظن أنك ستظل حياً دون أن تتلفظه.

صدقني.. و مع إحساسي الشديد بأني قد ظلمت لفظ الحقير برقته و وداعته بنعتك إياه، إلا أنني لم أجد لفظاً أحقر شأناً و لا أسفل منزلةً من هذا اللفظ، و ظللت أبحث كثيراً عما يمكن أن يحتويه صدري من ناحيتك، و لكني وجدت صدري لا يحتمل أن يبقى فيه منك شئ.. و الحمد لله أني لم أصب بشرقة تودي بحياتي لما بصدري من جهتك.. و أنا متأكد من أنك كنت ستشعر بالسعادة العارمة تجتاحك في هذه اللحظات التي أقتل فيها بسببك، ذلك، أنه سيضاف قتيلٌ إلى الملايين الذين يكتبون في ميزان سيئاتك، و لكن يساورني شك في أن أحاسيسك قد وصلت بك من البلادة بدرجةٍ تجعلك لا تشعر أساساً بمقتلي أو بمقتل غيري.. ولا عجب، فكلا الحالتين هي طبيعة الحقراء باختلاف الزمان و المكان و الأحداث.



عزيزي السافل، يساورني شكٌ أيضاً في أنه قد تبقى في عروقك بضعة قطرات من دماء تحتاجها ليحمر وجهك خجلاً حينما تعلم أن الشعب المصري بأكمله لا يرحب بك و يرفع شعار (لا مرحباً ببوش مجرم الحرب)، فالطبيعي في أي إنسان طبيعي، أن يعلم إذا ما كان مرحباً به فيستمر أو غير مرحب به فيفر، و لكنها هي ذاتها تلك البلادة و البرود المختلط بفقدان السوائل حمراء اللون من الجسد، تلك التي تجعلك لا تشعر ولا تأبه لرفض الملايين لك و لأمثالك.. و لكن ماذا عساي أن أقول، وهل أكرر قولي بأنها صفات الحقراء؟ أحسب أنها واضحة.

الغريب، أن مواطن الشارع البسيط الذي لا يفقه شيئاً، و الذي تحسبه جامداً لا يتحرك و لا يعلم.. ذلك المواطن إذا ذكرت أمامه و بشر بأنك ستكون ضيفاً علينا، ما يلبث إلا أن ينهال عليك بالشتائم و السباب و اللعنات بكل ما أوتي من قوة، وهو مؤمن بأنه كلما إزدادت لعناته لك كلما ثقل عمله في ميزان حسناته في الآخرة.. أعجب لهذا فعلاً، فقد ظننت أن البسطاء غافلون عن الحقراء، و لكني تعلمت أن الرائحة النتنة تنتشر في كافة الأنحاء ولا يستطيع أحد أن يمنع أحد من أن يستنشقها و يعرب عن رأيه فيها.

الغريب أيضاً أن سفهاء السياسة يفهمون أجندتك الحقيرة التى تحاول فرضها علينا و كأننا قلل قناوي معلقة في شرفة البيت الأبيض، فمن منا لا يفهم بلادتك بخصوص القضية الفلسطينية و غباءك حول أنفاق مصر مع غزة و تخلفك في قضية حشد الأصوات ضد إيران للقيام بعمل عسكري ضدها بمعاونة إسرائيل و دناءتك في قضية تخفيض سعر البترول الذى تعدى حاجز المائة دولار بعد أن كان لا يتعدى حاجز الثلاثين دولاراً قبيل حروبك المقدسة ضد أفغانستان و العراق.. هذا من سفهاء السياسة، فما بالك بالسياسيين أنفسهم؟؟.. و لكن يبدو أن موسم المصاصات قد بدأ مبكراً هذا العام.

و استكمالاً لموسم الحقارة الجديد استقبلك حكام العرب بالرقص، و نشكر طبعاً حقارتك التى جعلتك تشارك في الرقص بالسيوف مع ذلك الحاكم بينما تتلطخ يدك بدماء شهداء مجزرة غزة، و هذا طبيعي ولا نلومك عليه أبداً.. فقد سمعت أن من عادة الحقراء أن يرقصوا بعد قتل ضحاياهم ، و لكنى لم أصدق هذا إلا عندما شاهدتك في التلفاز.. هنئياً لك إثبات هذه الحقيقة العلمية بالدليل التلفازي.

الأغرب لأنه لم يأت بمخيلتك (وهذه طبيعي فالحفارة تطغى على التفكير عادةً) أن تسأل نفسك سؤالاً و هو لماذا يستقبلني مبارك في شرم الشيخ ولا يستقبلني في العاصمة.. إذا كان لديك إجابة، فهذا دليل حقارة الفهم و التطنيش أما إذا لم يكن لديك فهذا دليل حقارة الغباء و التهبيل، و لا فرق إذاً فكليهما حقارة.

و لا نريد بأن نجعل حقارتك الطاغية تعمي أعيننا عن المبدأ اللطيف الذي تعيش عليه حكوماتنا اللطيفة و هو (الطيور على أشكالها تقع).. ولا تعليق.

إهداء إليك، يا أحقر البشرية، أهديه لك مزداناً بدماء شهداء غزة، و إعراباً مني عن ترحيبي الشديد بإلقائك في مزبلة التاريخ - إن لم تكن مزبلة حقيقية - في أقرب وقت يشفي صدري و يثلجه.. آمين اللهم.. دعوة في السحر أدعوها إليك يارب.

Bux.to