الثلاثاء، ٦ يناير ٢٠٠٩

المحرم.. شهر المعية

هل علينا شهر الله المحرم منذ بضعة أيام.. و ابتدأ مع مجيئه سنة جديدة.. سنة شاء الله أن تبدأ بدماء الشهداء تتناثر على أرض غزة... و بغضب يعم الدنيا ليكون إن شاء الله نقمة و ناراً مع نيران المقاومة على أرض العزة.

هل علينا المحرم.. و كثير منا لا يدريه.. و لا يدري ما هيته.. و يعتبره شهر كأي شهر يمر علينا.. و إن علم أن فيه يوم عاشوراء.. فقد عرف من المعلومات الكثير..

وقفت مع هذا الشهر قليلاً لأفكر فيه.. فوجدته درساً رهيباً لمعية الله.. درساً لا يمكن أن تدرسه في مدرسة ولا أن تذاكره في أي كتاب.. ولهذا.. قررت أن أهدي هذا الدرس لكم و لإخواني في غزة لنتعلمه جميعاً و نعلمه لغيرنا.

و بدأت بحادث الهجرة.. هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة.. و مع كل أحداث الهجرة توقفت...

توقفت مع سيدنا علي بن ابي طالب في فراش الرسول و الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته و يضع التراب فوق رؤوس الواقفين على الباب.. القتلة نائمون و عيونهم مفتوحة و لا يرون الرسول صلى الله عليه وسلم... لا تسألوا كيف حدث الأمر ولا تحاولوا التفسير .. أليس الله معنا؟

يذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيعد العدة و يترك بيته بلا أي مال.. فيسأله الرسول صلى الله عليه وسلم (ما تركت لأهلك؟) فيقول (تركت لهم الله و رسوله).. لا تستغرب الرد.. أليس الله معنا؟

ينطلق الصاحبان فيتعقبهما المشركين.. حتى يصلا إلى غار ثور.. فيختفيا فيه.. فيلحق المشركون بهما حتى باب الغار.. هاهم المشركون يقفون.. و الجزع الشديد يعتمل في نفس الصاحب الصديق.. فيهدئ الرسول من روعه قائلاً (إن الله معنا).

يخرج الصاحبان من الغار و ينطلقا إلى المدينة.. فيتبعهما سراقة بن مالك.. و كلما أراد أن يقترب لا يستطيع.. فلا يقترب حتى يعطى الأمان من الرسول صلى الله عليه وسلم.. فيعده الرسول صلى الله عليه وسلم إن رجع سواري كسرى.. سواري كسرى ملك الفرس يا رسول الله.. الآن؟؟ نعم يا بني.. أليس الله معنا؟

هذي مشاهد من هذه الرحلة العجيبة بكل ما فيها من معية إلهية.. فهل تعلمنا؟...

و بينما الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة إذا به يرى اليهود يصومون يوم العاشر من محرم.. فيسأل.. فيردون (هذا يوم نجا الله فيه موسى من فرعون و شق له البحر) فيقول (نحن أولى بموسى منهم).

هل تتذكرون هذا الحادث؟.. حادثة شق البحر؟.. فرعون جمع جنوده كلهم و تتبع موسى و هارون حتى وصل سيدنا موسى عليه السلام إلى شاطئ البحر فلا مكان للذهاب ولا طريق للعود.. فإذا بمن حوله يقولون (إنا لمدركون) فيرد موسى (كلا.. إن معي ربي سيهدين).. فيأتيه الرد ممن عرف معيته مباشرة (اضرب بعصاك البحر).. فينشق له البحر إلى جبلين من الماء.. هذه العصا الصغيرة تشق (طريقاً في البحر يبساً).. نعم يا موسى.. اعبر (لا تخاف دركاً ولا تخشى).. و يغرق فرعون و جنوده و لا ينجيهم أحد.. فمن معهم ينجيهم كما نجا الله موسى؟؟ لا أحد.. ليس معهم أحد و الله معنا.

ولهذا نصوم في كل عام يوم عاشوراء.. لنشكر الله على معيته التي ننساها كثيراً في حياتنا.. نشكر الله على نعمته و فضله.. و زيادة في فضله سبحانه و تعالى .. جعل يوم عاشوراء تكفيراً لذنوب سنة.. لنتذكر المعية و ننال الأجر.

و في غزة.. في شهر الله المحرم.. فلنتذكر المعية.. لنتذكر أن الله معنا.. و لن يتركنا.. لنتذكر أن قتلانا في الجنة إن شاء الله و قتلاهم في النار إن شاء فلا نحزن و لا نهتم.. قلوبنا و دعاؤنا و صوتنا و أموالنا لكم يا أهل غزة.. و الأهم.. أن الله معنا.. و من كان الله معه.. فمن عليه؟

أدعوكم إلى صيام يوم التاسع و العاشر من المحرم ( الثلاثاء و الأربعاء 6 و7 يناير) .. و أن تستشعروا في صيامكم معية الله.. و أن تدعوا لإخوانكم بالثبات في هذا اليوم.. انصروا إخوانكم و اعلموا.. أن الله معنا.

﴿ إن لا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا ﴾

ليست هناك تعليقات:

Bux.to