الجمعة، ١٤ سبتمبر ٢٠٠٧

شم السبرتو و اللى جالو جالو


لا ينكر أحد من مشاهدي فيلم اللي بالي بالك أو اللمبي 2 كما يحلو للبعض تسميته أن مشهد (شرب السبرتو و اللى جالو جالو) أحد أكثر المشاهد كوميديا في الفيلم.
أما أكثر مشاهد الكوميديا التى نراها كل يوم في شوارعنا و التى نستشعرها دائماً عندما نكتشف مدى سذاجتنا و سوء ظننا بأنفسنا فهي ما يحدث فينا من عدة شركات و مصالح حكومية و غير حكومية بدون علمنا ولا حتى إخطارنا بأي معلومة عنه.
خد عندك و إوعى بأة... فقد ظللت لمدة 3 ايام أشم رائحة مادة غريبة (و هي مادة يستخدمها أخي في تنظيف حذائه الشمواه)، و ظللت أشك في نفسي هذه الأيام الثلاثة، هل رائحتى أصبحت بهذا الشكل، أما أنها تحولات للعطر الذي أهدتني إياه خطيبتي و الذي أضع منه دائماً عند نزولي، أم أني لا أستحم، أم إن أخى المجرم قد قام بمسح حذائي بهذا السائل الغريب.
المهم.. بعد عدة محاولات لتتبع رائحتي، و بينما أنا جالس في مكتبي إذا بزميلي يقول (إنتوا شامين ريحة السبرتو دي؟)، و إذا بي أعتدل جالساً، مع العلم أني بعيد عنه لدرجة لا يستطيع شمي فيها لأتهم نفسي بهذا الاتهام.. و إذا بي اسأله و قد وجدت مفتاح اللغز بعد أن كنت ظاناً بنفسي ظن السوء (هو انت كمان شاممها؟).. و إذا بزميلي الثالث يقول (أنا سمعت إنهم حطوا سبرتو في البنزين بدل الرصاص).. و إذا بي أكتشف أن كل المصريين من حولي يشمون الرائحة التى كنت أظن أني كنت المجنون الوحيد الذي يشمها، و أن كل المصريين كانوا يشكون في قدراتهم العقلية، و أن كل واحد منهم كان يظن أنه يشم هذه الرائحة وحده.
ليست هذه هي المشكلة (مع العلم أني أكره هذه الرائحة جدا).. و لكن المشكلة تكمن في موضوع اتهام النفس الشديد الذي يسري في دماء المصريين، و مسألة السبرتو مجرد عينة بسيطة من هذه الاتهامات الشخصية. أما أظرف الاتهامات و التي حدثت معي شخصياً، هو ما حدث للتليفونات المحمولة في مصر بعد نزول الشركة الثالثة الظريفة للخدمة، فقد اتجه أغلب المصريين لشراء تليفونات من تلك التي تقدم خدمات الجيل الثالث - وكنت أنا منهم - ، و هنا حدثت الفاجعة، فقد اتهم أغلب المصريين (المشتركين في شبكة فودافون) محمولاتهم بالغباء المتناهي و بالبوظان عندما فوجئوا أنهم عند قيامهم بأي مكالمة، فإن الطرف الثاني لا يسمعهم، بينما هم يسمعونه بوضوح، و أعزوا تلك المشكلة إلى أن التليفونات الجديدة قد يكون بها فيروس أو ما شابه يقوم بتبويظ المكالمة و تلبيس المواطن الغلبان حقها.. لكن و بعد سلسلة من الاكتشافات المذهلة اكتشفت و اكتشف أغلب المصريين أن السبب ليست تليفوناتهم المحمولة و أنها بريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، و أن السبب في كل هذه المشاكل هو شركة المحمول نفسها.
و ستستمر فصول المسرحية الهزلية إلى أن يفيق الشعب من سباته، و إلى أن يقف موقفا جادا من كل ما يتعرض له من استغلال و استغباء من كل من هب و دب.. و إلا، فلا يلومن إلا نفسه إذا ما شم السبرتو و اللى جالو جالو.

فإني قريب

مع دخول رمضان دائماً.. نسعد جداً بتلاوة آيات رمضان و الصيام المذكورة في سورة البقرة، فهي تشعرنا بنفحات رمضان و خيرات رمضان.. شدني هذا العام عندما استمعت للآيات آية (و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذ دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، و استشعرت مدى حب الله لنا و شوقه إلينا، فحينما يبحث العبيد عن ربهم، فهاهو ينادي "إنى قريب" فأين أنتم؟. و عندما تشعر بفداحة ما فعلت طوال العام الماضي، فهاهو ربك ينادي إنى قريب فتب إلى، و عندما تستشعر مدى الظلم الذى تعرضت له و لا زلت تتعرض عليه في ظل نظام دولتنا الغير محترم، و عندما تجد أصدقاءك من حولك تتخطفهم أيادي النظام لتلقي بهم في المعتقلات، تجد المنادي ينادي إني قريب فعد إلى انتقم لك.
كم نحن ظالمون يارب.. لا نتذكر أنك قريب إلا في رمضان.. و يمر رمضان و ننسى و ننسى و ننسى، حتى يعود إلينا مرة أخرى فنتذكر أنك قريب.. اغفر لنا يارب سوء تعاملنا معك.
إن من يعلم أن ربه قريب منه هذا القرب (و نحن أقرب إليه من حبل الوريد)، و يعلم (أن الله على كل شئ قدير) و أنه (إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)، لا ينبغي أبداً أن يصيبه قلق ولا خوف و لا ضيق ولا تعب.
يا عبد الله، إن ربك قريب، فأين أنت منه؟.. هاهو رمضان قد أتى لتدري و تتعلم أن الله قريب، فمتى تفيق و تدرك هذه المعلومة و تعود إلى رشدك، و تخجل أن تعصي من هو أقرب إليك من جبل الوريد، و ألا تسأل إلا من هو أقرب إليك منك.

الأحد، ٩ سبتمبر ٢٠٠٧

دهنوها أخضر

هل تعلمون نظرية العيش الفينو؟؟ إنها النظرية التى يقوم عليها نظام الحكم في مصر،و لها أصول قديمة، و نظراً للحداثة و العولمة، فقد تم تسميتها بالعيش الفينو لمجاراة روح العصر. أصل هذه النظرية، هي أن الحكومة عندما أرادت رفع سعر رغيف العيش الفينو من 5 قروش إلى عشرة قروش، أوحى إليها الشيطان (كالعادة) -كما أوحى لحيي بن أخطب في أيام الجاهلية تماماً- ، أوحى إليها بأن تقوم المخابز بإنتاج رغيف (شكله حلو و بسمسم) بجوار الرغيف المعصص المعضم الحالي، و تعلن المخابز أن هذا الرغيف نوع من تحسين الخدمة للأغنياء القادرين على الدفع، و في نفس الوقت تعلن الحكومة أنه لا ارتفاع في اسعار العيش الفينو أبدا مراعاة لظروف محرومي الدخل. و يمر الوقت، و تجد أن الناس بدأت تقارن بين الرغيفين، و تفضل أن تشترى الرغيف المحسن، فالرغيف المحسن (تمنه فيه)، و الشلن الزيادة مش هيفرق أوي كدة، و تمر الأيام، و تذهب للمخبز لشراء الرغيف القديم، فتجد أن المخبز أصبح يتأخر في إخراجه، لأن الطلب زائد على الرغيف المحسن، و تمر الأيام، و تجد أن رغيف الفينو القديم قد اختفى كلياً من المخابز، فتضطر مغلوباً على أمرك أن تشتري رغيف الفينو المحسن. و ما هي إلا شهور قليلة، و يختفى السمسم من على الرغيف، و أيام بعدها و تدريجيا، يبدأ حجم الرغيف في التقلص حتى يصل إلى نفس حجم الرغيف القديم المعضم في خلال شهور قليلة من بداية النحسين، إلا أن الشئ الوحيد الذي لا يتقلص هو سعره الذي زاد بنسبة 100%، و هكذا، تنجح الحكومة في مخططها الشيطاني البرئ لرفع الأسعار دون أن يشعر المواطن بالخدعة، و إن كنت أظن أن أغلب المصريين يعلمون أنها خدعة و لكنهم بتحركون بمبدأ (هنعمل إيه يعني.. الله يخرب بيتهم).

و طبعاً، لأن (ملة الحكومة واحدة)، و لأن الحكومة تتحرك نحو العبور و المستقبل بفضل القيادة الحكيمة، فلا تستغرب أن تجد أن كل الوزارات تنتهج نفس نهج نظرية العيش الفينو، و أنها هي النظرية الغالبة في كل مظاهر حياتنا و التى تتحرك تبعاً لتحركات القيادة الحكيمة.. ومن أهم هذه الوزارات التى تطبق النظرية بحذافيرها، وزارة النقل و المواصلات، و التى قامت بتنفيذ عدة مشروعات مواصلاتية قائمة على هذه النظرية، فقد قامت بعمل أتوبيسات موازية للأتوبيسات القديمة تحت عنوان الخدمة المميزة، ثم الغت الأتوبيسات القديمة، مع عدة تغييرات في أرقام و مسارات الأتوبيسات، مع تنوع التذاكر داخل الأتوبيس الواحد تبعاً للمسافة، ثم شراء شحنة أتوبيسات بشكل آخر، ناهية عن أتوبيسات الخدمة الليلية، ثم كانت الفاجعة الأخيرة، بنزول الأتوبيسات الخضراء المرسيدس و بأسعار خاصة جدأ لخدمة الشعب (بالمناسبة تغاضيت عن ذكر الأتوبيسات المكيفة رأفةً بحالكم)، و قد تزامن نزول هذه الأتوبيسات مع السماح لبعض الشركات الخاصة بأداء نفس الخدمة من خلال ميني باصات خضراء و بأسعار موزاية تقريباً لأسعار هيئة النقل العام، ليغني كل المصريين، الحياة بأة لونها أخضر، و العيشة هتبقى فل، و تحيا مصر.

ولأن نظرية العيش الفينو، لا تزال تسيطر على عقلية الوزارات المصرية، فقد قررت هيئة النقل العام عمل حركة ظريفة جداً، فبدلاً من التخلص من الطاقم القديم من الأتوبيسات، و ملء الفراغ بالأتوبيسات المرسيدس، أو على الأقل ترك الأتوبيسات القديمة في حالها لخدمة محرومي الدخل، قامت الوزارة بدلاً من ذلك بدهن أتوبيساتها القديمة باللون الأخضر، و طبعاً لأنى متأكد أن اللون الأخضر ليس الهدف منه الحفاظ على البيئة أو توفير بيئة صالحة لحياة طحلب الحلزون المكركر المائي.. فقد تساءلت و قررت أن أسألكم، هما ليه دهنوها أخضر؟؟ أظن الإجابة واضحة، و تحيا مصر في ظل قيادة العيش الفينو.

السبت، ١ سبتمبر ٢٠٠٧

عندما ينحرف القلم

أعرف أن الفاصل الزمني كبير بين افتتاح المدونة و كتابتي لأول مقال فعلي فيها.. و لكني كنت أظن أن حال الصحافة في بلدي سينصلح يوماً ما، و مع الوقت، لم يعد من الغريب أن أصاب بالغثيان كل يوم تقريباً مما أقرأه فيما يسمى بالصحف القومية في بلدي الحبيب.

أصعب شئ يمكن تصوره هو أن ينحرف قلم الإعلام الذي يعبر عن الشعب و يطالب بحقوقه، و أن يصبح هذا القلم مطية تركبها الحكومة لتصل بها إلى أمخاخ البسطاء و العامة في الشعب لتخدعهم أو لتصور لهم قدرات الحكومة و منها علينا بالإنعام و الكرم، أو لتشوه صورة كل من يفتح فمه ليقف أمام النظام الذي يفسد أكثر مما يصلح.

عندما ينحرف القلم.. تستشعر تلك المرارة التي تجعلك تصرخ في داخلك، ولا تستطيع أن تصرخ للخارج، لأن القلم الذي يصرخ لك، أصبح يصرخ للزور و البهتان، ولكن يبقى لك في النهاية نور يضئ في نهاية النفق تنطلق إليه لتجد منادياً ينادي (إن لا يصلح عمل المفسدين)، فيرتاح قلبك، و تسكن جوارحك، و تعرف أنك سترى النور يوماً ما، أو لربما سيراه أبناؤك من بعدك، و لكنك تثق أن النور قادم لا محالة.

Bux.to