الأربعاء، ١١ مارس ٢٠٠٩

إوعى البلد (1).. إلى هذا الحد؟!

كنت على موعد مع أحد الأصدقاء طلب مني أن ألقاه لأمر ما.. تواعدت معه في أحد مساجد القاهرة الشهيرة في أحد المناطق الشهيرة.. بصراحة، مضى زمن طويل لم ألتق فيه بأحد في موعد بمسجد، شعرت بالحنين لهذه الأيام التي كان المسجد فيها هو كل شئ في حياتي.

ليست هذه هي القضية، إنما هو مجرد حنين أذكره لكم، أما القضية، فهي أنني عندما خرجت من المسجد و بينما أقوم بربط رباط حذائي، إذا بي أفاجأ بأحد عساكر الداخلية يتقدم مني، ولا أخفي عليكم، أنا أعاني هذه الأيام من أرتكاريا أمنية، و هواجس شرطية.. ظننت أنه سيأتي و يسألني عن بطاقتي أو سيطلب مني الانصراف سريعاً لأن المنطقة (ملبشة).. خاصة أن شكلي من النوع (الحلوف) على حد قول عادل إمام.. ذلك النوع الذي يقلب نظام الحكم و يؤرق مضاجع الحكام و يبلبل مساعي التنمية و هذا الكلام الكبير الذي نسمعه دائماً في القضايا السياسية (الملفقة).

اقترب العسكري مني بهدوء يثير الريبة، و قال لي بصوت خافت “ممكن جنيه أجيب بيه بسكوت”.. لا أخفي عليكم.. توقفت للحظة مفاجأً بما قال.. ثم استوعبت الموقف بسرعة لأخرج من جيبي بضعة جنيهات و أضعها في يده ليمضي سريعاً من أمامي دون حتى أدنى فرصة لأي سؤال أوجهه إليه.

P4260010 توقفت أفكر للحظات.. إلى هذا الحد؟!.. هلى وصلت الأمور لهؤلاء العساكر “الغلابة” أن يمدوا أيديهم بالسؤال للناس في الشوارع؟!.. هل وصل بهم الحال إلى أن يتسولوا أثمان قوتهم من الناس؟!.. فكرت كثيراً ثم تذكرت.. هذا هو الطبيعي بالنسبة لهم منذ أزمان.. هم يتلمسون الأموال من الناس بعدة طرق لأنهم لا يجدون.. توارد لذهني عدة مشاهد أخرى أيدت وجهة نظري.. مشهد العساكر أمام أحد القنصليات و هم يساعدون الناس في “ركن” السيارات و يعملون كعاملي جراج لينالوا الإكرامية.. مشهد الأمين الذي أخذ مني 10 جنيهات ليخرجني من المطار بسرعة لأن اسمي في الجواز لا يحمل إسم عائلة مميز مما يستدعي وقوفي قليلاً في طابور متشابهي الأسماء.. مشهد عساكر المرور الذين يدفع لهم سائقي الميكروباص و غيرهم بضعة جنيهات على سبيل المعرفة أو تعدية المخالفات.. مشاهد عدة لا تعد ولا تحصى، و الجديد فيها أن العسكري لم يجد مخالفة ليعديها أو سيارة ليركنها أو مشكلة ليخلصها، فقرر أن يمد يده بالسؤال.

أحسب أن العسكري المسكين اختار أخف الضررين، فهو إما أن يسعى لرشوة حرام ينال بها قوته، و إما أن يتحمل ذل السؤال لينال قوته أيضاً.. و هو في كلتا الحالتين ضحية النظام الذي جعل منه “المسخة” التي تهان بكافة الوسائل من الضباط و الجمهور.

هنيئاً لنا من يحافظون على أمننا القومي.. عساكر الشرطة.. الذين يقومون بواجبهم على أكمل وجه.. و يعملون في كافة الأعمال المستعصية ليساعدوا الشعب على أداء أعمالهم.. و حتى لا أكون من الذين يسخرون و فقط.. فها أنا أدعو الحكومة إلى النظر لحال هؤلاء العساكر المساكين، لأن في ضياع هيبتهم ضياع للأمن في بلدنا، وهو النعمة الباقية لنا بعد ذهاب الكثير من النعم على أيدي الحكومة.. لذا أدعوهم.. اتقوا الله في ما بقي من النعم.. و حسبنا الله و نعم الوكيل.

ليست هناك تعليقات:

Bux.to