الأحد، ١٥ مارس ٢٠٠٩

إوعى البلد (2).. أمن دولة

حكى لي أحد أصدقائي قصة طريفة (قد لا تبدو طريفة للبعض)، تحمل في طياتها معان عظيمة للوفاء للوطن و الحرص على أداء الواجب حتى النفس الأخير، حاجة ولا في الأحلام.

كان أخينا معاراً إلى منتخب طرة (كناية عن الاعتقال)، و قد كان من نصيبه أن كان في أحد الزنازين التي يستضاف فيها بعض عناصر الجماعات الإسلامية حين ذاك، و قد أقدم عنصر و تجرأ على أن يرى في منامه أنه يقتل رئيس أمريكا آنذاك و هو راكب على موتوسيكل.

وصلت الأخبار لرجال أمن الدولة المتيقظين، فقاموا على الفور باستدعاء المسجون من زنزانته و سؤاله (و يستخدم لفظ سؤاله هنا في غير موضعه الطبيعي)، المهم أنهم سألوه بطريقتهم الخاصة حول الحلم و كيف قام بالضبط بقتل الرئيس الأمريكي و هو راكب على الموتوسيكل، و ماذا كان السلاح المستخدم.

حتى الآن الأمور لا تزال طبيعية (أيوة طبيعية مالكش دعوة).. لكن الأدهى هو سؤال رجال أمن الدولة للرجل، من كان خلفك على الموتوسيكل في الحلم، و لأنه (سؤال)، كان لابد أن يجيب الرجل و يذكر اسم هذا الزميل الذي كان خلفه في الحلم. و لربما حاول الرجل أن يبرئ زملاءه الموجودين داخل السجن كي لا يتعرضوا للتحقيق و (للأسئلة)، فذكر اسم واحد من غير الموجودين بالسجن على الإطلاق. تصرف سليم سواء كان صدقاً أو كذباً، فما الداعي لتعريض الموجودين بالسجن لخطر السؤال عن حلم لم يحلموه.

إلى هنا و تنتهي القصة، و لكن بقى أن نذكر أن الشخص المذكور الذي رءاه الرجل في الحلم تم القبض عليه و التحقيق معه و ظل حبيس السجن لمدة تقترب من ثلاث سنوات.

قد تبدو القصة مبالغاً فيها إلى حد ما، و لكن هكذا ذكرت لي و أحببت أن أنقلها إليكم و أن أسأل نفسي سؤالاً مهماً. كيف وصل لفهم رجال أمن الدولة أن دورهم في الحياة هو محاسبة الناس على أحلامهم.. أنا لا أقصد القصة بعينها.. و لكن هذا هو ذنب و جريمة كل من يتم اعتقاله على خلفيات سياسية.. الجريمة دائماً العثور على منشورات (تؤرق) الحكم و (تبلبل) الرأي العام و (تسعى) لقلب النظام و (تحاول) السعي للحكم.

من حق كل دولة ذات سيادة أن يكون بها جهاز للأمن القومي يسعى لفرض الأمن في البلاد و يحاول جاهداً اكتشاف العناصر المخربة و تقويض نشاطها، أما أن يصبح هذا الجهاز آداة إرهاب في يد الحاكم يضرب به على أيدي المعارضين و يقوض به نشاط الشعب في أن يسعى لحرية الوطن و فرض الديموقراطية و هو الأحرى بهذا الجهاز أن يكون هو القائم بهذا الدور.. فهذا شئ لا يقبله عقل ولا منطق.. و هذه هي أسطر النهاية التي تكتب لهذا النظام.. أن تحاول ثلة من البشر أن تثير عداوة الشعب ضدها.

هي رسالة أوجهها لأمن الدولة.. إن بقى فيهم شرفاء.. دوركم حماية الوطن.. و ليس حماية السلطة.. فاختاروا الخندق الصحيح.. قبل أن يدفنكم الشعب في خندقكم الحالي و يردموا عليكم و يضعون شاهداً للقبر يقول (هنا ترقد أمن دولة لا رحمها الله ولا أعادها).

ليست هناك تعليقات:

Bux.to